على الزميل ان لا يرمى السلاح منذ البداية حتى لو لم تكن الادلة كافية لكسب الدعوى فعقلية المحامي تختلف عن عقلية القاضي ،

في الشهر الثالث (اذار/مارس) من عام 2003 وطبول حرب احتلال العراق تقرع والجو معبأ وكلنا كنا نترقب الهجوم في اي وقت وكان كل شيء هادئا خصوصا اخر 48 ساعة لان بوش (الزغير) اعطى تحذيرا نهائيا للرئيس الاسبق ولعائلته ان يغادرون العراق خلال 48 ساعة والا سوف يتصرف معه ؟! وكلنا نعلم وراء هذا التحذير هو احتلال العراق، كان الهدوء الذي تمر به بغداد كالهدوء الذي يسبق العاصفة، مر علي احدهم لديه دعوى دين بحق والده وهو مبلغ (5) ملايين دينار عراقي (وكان في ايام الحصار مبلغ لا يستهان به) ومن خلال الاطلاع على تفاصيل تسليم المبلغ ان عمه قبيل وفاته اعطى لزوجته (زوجة عمه) مبلغ خمسة ملايين واوصاها ان تعطيه اياه ما انه يموت ومات عمه لكن زوجة عمه سلمت المبلغ لابيه وليس له فرفض ابوه اعادة المبلغ له بداعي انه سيضيع المبلغ على الشرب والنساء (اي ربما ابنه ينحرف) وهنا كمحامي لم اجد بهذه الدعوى دليل يثبت بالفعل هذه الواقعة وبأن ذمة والده مشغولة بهذا المبلغ حتى لو فرضنا جدلا ان زوجة عمه تؤكد هذه الواقعة (لم نحسم بعد موافقتها من تأييد موكلي من عدمه) وفي كل الاحوال الشهادة المنفردة غير كافية لكني سألته عن والده وعن احواله فأجاب: ان والدي هو شيخ عشيرة، فسألته اذا اقمنا دعوى عليه هل سيحضر للمحكمة او يوكل محام ام لا بتوقعك ؟ فقال موكلي لن يوكل محام وسيحضر بنفسه لانه يعتبر نفسه شيخ ولا يحتاج الى مساعدة محام ولا يخاف احدا ! وهنا امسكت اول خيط بكسب الدعوى (هنا مهم جدا للمحامي ان يحيط بكل التفاصيل ولا يهدر التفاصيل الثانوية ويعتبرها تافهة بل قد تكسبه الدعوى وتكون كالقشة التي تقصم ظهر الخصم !) فقلت لموكلي: حسنا اعطيتني معلومة مهمة جدا لان دعواك هذه مردودة الا في حالة واحدة سأتبعها والامل بكسب الدعوى يصل الى 50 % واذا بالفعل والدك لن يوكل محام فلسوف تكون نسبة نجاح الدعوى 90 % (من الخطأ المهني وموجب لمعاقبة المحامي مهنيا ان يخبر موكله انه ضامن كسب الدعوى 100 % لاننا بالنهاية محامون ولا يمكن ان نضمن شيء كما ان التزامنا ببذل عناية وبوسيلة وليس بتحقيق غاية الخ) فقال لي كيف ؟ قلت له اترك الموضوع الان فالحرب على الابواب واذا خرجنا احياء من هذه الحرب سأقيم لك الدعوى ان شاء الله.

بالفعل بعد احتلال العراق وعودة المحاكم للعمل اقمت الدعوى على والده وعلى زوجة عمة بداعي ان ذمتهما مشغولة بمبلغ خمسة ملايين دينار وضعها عمه قبيل وفاته واوصى بها له واستلمتها زوجة عمه ووالده معا ويرفضان اعادة المبلغ لموكلي. في يوم المرافعة بالفعل حضر والده (الشيخ) وكان يزبد ويرعد ويهدد ويستهزيء بالمحامين والمحكمة والقضاة الخ (خربت بعد الاحتلال كما تعلمون) طلبت من موكلي عدم ملاسنته وتركه ينفجر بالمرافعة لاني اخطط لامر مهم ستعرفه بالمرافعة وان تحضر انت معي بالمرافعة لان عندي غاية بهذا الامر). القاضي كان حازما وهنا سألهما لماذا اخذتما المبلغ الذي اوصى به عمه ولم تعيداه اليه، فأنكرا لأول وهلة. وهنا صار القاضي بفراسته يشك بالموضوع فصرخ بالمرأة احكي انتِ ؟ اين المبلغ والا سأتصرف معكما بما لا يسركما وبالقانون ؟ وهنا خافت المرأة وقالت : سيدي والله العظيم اني اعطيت المبلغ لوالده وهو امامك وراح يقول لك عن السبب ؟!

(اقرار زوجة العم – المدعى عليها الثانية)

كالمعادلة الكيميائية تماما – كان ممكن ايجاد القنبلة الذرية والنووية منذ بدء الخليقة وكل ما نجح فيه العلماء هو تفجير الذرة  ببساطة عن طريق التلاعب بتركيبتها الداخلية !