2021/04/18
رائد الأدب القضائي في العراق المحامي غربي الحاج احمد
أول محامٍ يلقي دفاعه عن متهم بقصيدة شعر
وأنا اقلب صفحات مجلة التشريع والقضاء صاحبها ورئيس تحريرها المرحوم القاضي الموسوعي فتحي الجواري وفي العدد الرابع للسنة الخامسة عام 2013- ص41 ، اطلعت على مادة نشرها المحامي الأستاذ ذاكر خليل العلي وهو من ابرز المحامين في الموصل وصاحب مكتبة للنشر والتوزيع وفقد أثره منذ أحداث داعش الإرهابي وأتمنى له السلامة وهذه المادة عنوانها (رائد الأدب القضائي في العراق المحامي غربي الحاج احمد أول محامٍ يلقي دفاعه عن متهم بقصيدة شعر) وهذا الموضوع لفت الانتباه الى ان مهنة المحاماة هي مهنة تستوعب كل الفنون الأدبية والقانونية وان من ينتمي إليها لابد وان يكون على قدر عالٍ من الثقافة العامة لأنه من نخبة المجتمع وهو من يقوده نحو الأفضل، وإنا لم اطلع سابقاً على مثل هذا الدفاع الأدبي إلا أني كنت استمع إلى دفاع المحامي المرحوم صباح العرس وهو من محامي بغداد عندما يدافع عن متهم„ أمام محكمة جنايات الكرادة في حينه فكان يدبج دفاعه بابيات من الشعر والقطع الأدبية التي كنا نتمتع بها ونستأنس لها وكان الحضور يتدافع إلى قاعة المحاكمة لينصت الى دفاعه، لذلك وددت ان يطلع عليها زملائنا الأفاضل وان يكون لنقابة المحامين دور في استذكار أدباء المحاماة منهم من كان قاصاً أو شاعراً أو أديباً أو موهوباً في أبواب أخرى من الفن والثقافة، لان المحامي المثقف بلا ادنى شك سوف يرتقي بالمهنة نحو السمو والرفعة، وعند البحث عن المحامي المرحوم غربي الحاج احمد عبر شبكة الانترنيت وجدت عنه في احد المواقع انقله على وفق الآتي(غربي إبراهيم الحاج أحمد الملا حسين الحسيني هو شاعر وصحفي وسياسي عراقي ولد في الموصل سنة 1924، أكمل دراسة في المدرسة في الموصل ثم التحق بكلية الحقوق في بغداد وتخرج سنة 1945، انضم لحزب الاستقلال عند تأسيسه سنة 1946، واختير عضوًا في اللجنة العليا للحزب في 18 من مارس 1948، وفي عام 1950 أصبح معتمداً لفرع حزب الاستقلال في الموصل، وتولى رئاسة تحرير جريدة النضال بين عامي 1946 و 1954، وهي الجريدة التي كان يصدرها الحزب في الموصل، وقد اعتقل أكثر من مرة بسبب مقالاته الناقدة للحكومة واتهم بمحاولة اغتيال بعض أقطاب العهد الملكي، وأفرج عنه لانعدام الدليل القانوني، وفي 8 آذار 1959، بعد ثورة الشواف، اعتقل ونُقِل إلى بغداد حيث عُذّب في كتيبة الدبابات، التي كتب عنها قصيدته “ليلة في معتقل الدبابات، وبعد 8 شباط 1963، شكّل مع عدد من رفاقه من أعضاء حزب الاستقلال المنحل حزبًا جديدًا أسموه الحزب العربي الاشتراكي، كما شغل منصب مدير مديرية الإرشاد (مديرية الإذاعة والتلفزيون)، ثم ترأس المؤسسة العامة للصحافة وأسس “مجلة ألف باء” في بغداد التي صدرت يوم 22 أيار 1968 وترأس تحريرها، وشغل منصب وزير شؤون الوحدة في وزارة ناجي طالب عامي 1966 و 1967 ثم وزير دولة، عمل بعدها وكيلاً في وزارة التخطيط عام 1968 ثم سفيرا حتى تقاعده سنة 1969، حيث أحال نفسه على التقاعد لينصرف إلى مهنة المحاماة في الموصل وعٌرف عنه انه كان خلال دراسته الثانوية والجامعية خطيبا مفوها وشجاعاً ، وقد عرف عن المحامي غربي الحاج احمد في بداية الثمانينات شيخاً وقورا ومحامياً بارعا لا يتأخر في إبداء المشورة او المساعدة الى الزملاء في مسألة قانونية. وكان المحامي المرحوم قد كتب قصيدة شعرية بدلا من لائحة دفاعه وألقاها في محكمة الجنايات في الموصل في 3/10/1983 لينال بذلك سبقاً لم يسبقه إليه من قبل فيعد بذلك رائداً للأدب القضائي في العراق وتتلخص وقائع القضية فيما عرف لدينا ( القتل غسلاً للعار) وصدرت له عشرة كتب مخطوطة وديوان شعر كبير وكتب تراثية محققة، كما كان له حضوره في نشاطات جامعة الموصل الثقافية وفي مجالس الأدب والسياسة الأخرى في المدينة وكانت له آراء ومناقشات مع هيئات محكمة التمييز، وقد ضم كتابه “قصة قضية” عددا من اللوائح وقرارات المحاكم ذات العلاقة به. وله فضلا عن ذلك ثلاث مجاميع قصصية عبارة عن تحويل عدد من الدعاوى والقضايا التي كان قد توكل فيها إلى قصص فنية وبأسلوب أدبي بديع وجميل وهي تحت عناوين (الخيط الأبيض، بقايا دموع، لو شنق مرتين)، وكتب عنه الأستاذ أحمد سامي الجلبي كتابا صغيرا نشره مركز دراسات الموصل بجامعة الموصل سنة 2003 بعنوان “غربي الحاج أحمد” كما أنجز عنه الدكتور عمر ضياء الدين ذنون آل عمران رسالة ماجستير سنة 2003 بعنوان “غربي الحاج أحمد 1923 -2000 دراسة تاريخية في نشاطه السياسي والثقافي” قدمت إلى مجلس كلية التربية بجامعة الموصل بإشراف الدكتور نمير طه ياسين الصائغ. )
القصيدة عنوانها (فلتحكموا القطيع والقبيلة)
معذرةً …
معذرةً يا سادتي …معذرةَ…
إن قلت ان البؤس في ربوعنا
دائرة مفرغة لا تنتهي
تفرق في أمواجها ما تشتهي
ويصطلي في نارها من يصطلي
لا فرق بين عالم وجاهل
لا فرق بين عاقل وغافل
فكلاهما إرادة مشلولة
تحكمها الأعراف والقبيلة
يا سادتي.. ما زالت النساء في قبيلتي
وَوأسفي ..
موؤدة..
تبحث عن قبر لها
أو سلعة … تباع في مزادها
من يدفع الأكثر في شرائها
يَأخُذها … يَملُكها
جارية
ضحية
ما زالت النساء في قبيلتي…
إن أخطأت أو شُكَّ في سلوكها …
قالوا بلا تردد أو رحمة
السيف يغسلٌ عارها…
وشعارهم من ألف ألف جائر …
متسلط متجبر.. لا يرحمٌ
(لا يسلمُ الشرف الرفيع من الأذى …..حتى يراق على جوانبه الدم)
****************************
غاباتنا يا سادتي…لا تُنبت الزيتونْ
مُظلمة مُوحشة… مُلتفة الغصونْ
تحتارُ في ألغازها… العقول والعيونْ
رجالها قد خُلقوا … كالوحش يقتلونْ
سيوفُهم أنيابهم… في حَدِها المنونْ
كأنما ( قابيلُ) قد علمهم … او انهم من قبل يعلمون
بأن اشهى اللحم من جلدتهم …. لحم النساء ليتهم يخجلون
***************************************
في كل يوم نسمع الحكاية … ونقرأ الرواية
كأنما أعمارنا محدودة خيوطها … بخيطها … بدايةٌ … نهايةْ
كأنما أقدارنا أن نرصد الخطايا … وان نعيش مثلهم، في كهفهم ضحايا
مأساتهم… تحفر في قلوبنا … تسبح في ربوعنا …. تأكل من أعصابنا
لأنها اكبر من ظلالهم .. لأنها الأسوار في مجتمع نحبهُ
ندعو له…
ندفع عنه الشر والمنايا…
************************************
يا سادتي … وانطلق الصوت الذي نعرفه …
وردد القصة من أولها ..
وهي التي نعرفها…
يقول : إن الزوج قد أحبها ..
غِّيرانَ… كالديك على زوجاته..
لكنها في لحظةٍ آثمةٍ… تسللت…
وواصلت عشيقها
فثارت النخوة والرجولةْ
لتأخذ القاتل والقتيل
لكنما السؤال وهو صارخٌ…. يدق رؤوسنا
يقرع في ضميرنا
هل يستطيع… أن لا يكون قاتلاً؟
أن يغمد السيف فلا يشهره؟!… أن يبصر العار فلا يقهره؟!
أن لا يكون ضائعاً… مع القطيع …. يهتدي بهديهِ.. ويغتوي بغيهِ؟!
يا سادتي ما ذنبه إن لم يكن مخيراً؟!
أن تحكموا يا سادتي…
فلتحكموا القطيع… والقبيلة…
3/10/1983