مفهوم الاذن الوارد في المادة (١٣٦ – ج) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ النافذ”
المحامي علي ثابت السعدون/ غرفة محامي البصرة
نصت المادة (١٣٦ – ج) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على انه ((لا تجوز احالة المتهم على المحاكمة امام المحاكم الجزائية عن جريمة شهادة الزور او اليمين الكاذبة او الاخبار الكاذب او الاحجام عن الاخبار او الادلاء بمعلومات غير صحيحة الا بإذن من المحكمة او محكمة التحقيق التي وقعت هذه الجريمة امامها او امام مكلف بخدمة عامة تابع لها((.
ففي الجرائم الواردة في المادة المذكورة، لا يجوز احالة المتهم فيها على المحكمة المختصة الا بعد ان تأذن بذلك المحكمة التي وقعت هذه الجريمة امامها او امام مكلف بخدمة عامة تابع لها.
ويرى جانب من الشراح، ان اعطاء المحاكم هذه الصلاحية بالإذن من عدمه هو للحد من الشكاوى الكيدية عما قد يبديه الخصوم من آراء ووقائع خلال المحاكمات الجارية، ولفسح المجال امام المتقاضين لإبداء اقوالهم بحرية.
فاذا وقعت احدى الجرائم، المذكورة في المادة (136 – ج) من قانون اصول المحاكات الجزائية المذكورة، امام محكمة البداءة، مثلا، وجرى التحقيق فيها امام محكمة التحقيق، هنا، وبعد اكمال التحقيق الابتدائي، وقبل ان يتخذ قاضي التحقيق قراره بإحالة المتهم على محكمة الموضوع، لابد من اخذ اذن محكمة البداءة، وفقا لأحكام المادة المذكورة.
وتطبيقا لذلك، ذهبت محكمة استئناف ذي قار الاتحادية بالصفة التمييزية الجليلة في قضاء لها بالعدد (٢٥٦/ جنح/ ٢٠١٢) مؤرخ في (٣١/ ٥/ ٢٠١٢م)، منشور على الموقع الرسمي لمجلس القضاء الاعلى الموقر، الى انه ((… مع الاشارة الى ان الاخبار الكاذب والشهادة زورا لا تحرك الشكوى الجزائية الا بموافقة المحكمة التي وقعت الجريمة امامها عملا بأحكام المادة ١٣٦/ ج الاصولية واكمال التحقيق…)). اما محكمة استئناف البصرة الاتحادية بالصفة التمييزية الجليلة، فذهبت في قضاء لها بالعدد (٣٩/ت/جزاء/٢٠٢٠) مؤرخ في )01/03/2020م)، الى خلاف ما ذهبت اليه محكمة استئناف ذي قار بالصفة التمييزية الجليلة، حين قالت ((… ويفهم من النص المذكور بان صلاحية المحكمة التي وقعت امامها احدى الجرائم المشار اليها آنفا تنحصر في اعطاء الاذن بإحالة مرتكبها على المحكمة المختصة، ووفقا للمفهوم المخالف للنص سالف الذكر فان تحريك الشكوى الجزائية لا يتوقف على اذن من المحكمة التي وقعت امامها الجريمة وان الاخيرة لا تملك صلاحية اعطاء الاذن باتخاذ الاجراءات القانونية بحق مرتكبها، بل ينحصر دورها على اعطاء الاذن بالإحالة على المحكمة المختصة، والعلة في ذلك تتصل بمتطلبات العدالة التي تقتضي ان يكون البت في طلب الاذن مستندا الى تحقيق ابتدائي في الجريمة المراد اعطاء الاذن بإحالة المتهم عنها، وليس الى نتائج دعوى اخرى وان تعلقت بها وسيكون الاذن في حالة صدوره دليلا يضاف الى ادلة التحقيق الابتدائي …)). وقد شاطرت محكمة التمييز الاتحادية الجليلة، في قضاء لها بالعدد (11641/الهيئة الجزائية/2020) مؤرخ في (05/10/2020م)، ما ذهبت اليه محكمة استئناف البصرة الاتحادية بالصفة التمييزية، بالقول ((… اما بخصوص ما اشارت اليه محكمة جنايات البصرة فيما يتعلق بتطبيق احكام المادة (136/ج) من قانون اصول المحاكمات الجزائية فان هذا الاجراء يتخذ قبل احالة المتهم على محكمة الموضوع …)).
من جماع ما تقدم، يتضح جليا، بان مفهوم الاذن، الوارد في المادة (١٣٦ – ج) من قانون اصول المحاكمات الجزائية، ينصرف الى صلاحية المحكمة، التي وقعت امامها جريمة شهادة الزور او اليمين الكاذبة او الاخبار الكاذب او الاحجام عن الاخبار او الادلاء بمعلومات غير صحيحة، في اعطاء الاذن بإحالة مرتكبها على المحاكمة امام المحاكم الجزائية، ولا ينصرف الى صلاحية هذه المحكمة بإعطاء الاذن بتحريك الدعوى الجزائية، فشتان ما بين تحريك الدعوى الجزائية، وما بين احالة المتهم على المحاكمة امام المحاكم الجزائية. والقول بخلاف ذلك، يجر الى اجتهاد، غير مبرر، في مورد النص المبحوث.