أحلام اللامي
نقيب المحامين العراقيين
منشورات، واتصالات، أسئلة واستنكارات، وكأن شرائح المجتمع المهمّة قد اعتادت الشعبويّة التداوليّة، وهكذا نراهم قد شُغلوا بجدل حول مبادرة بعض أعضاء مجلس النواب لتقديم الخدمات القانونية، من خلال محامين إلى المشمولين بتعديلات قانون العفو العام بعد إقراره.
وقبل الخوض في التفاصيل، هل عرفنا الآليّة التي سيطبق فيها تعديل قانون العفو العام؟
وهل عرفنا ضوابط هذا التطبيق؟
وهل كل المحكومين أو من هم قيد الاتهام المشمولين سيحتاجون إلى تقديم طلبات أم أن بعضهم أصلا سيطلق سراحه دون طلبات؟
فلماذا تدافعنا على شيء لم نفهمه بعد “وحضّرنا المهد قبل الولد”
وفي هذا السياق، ولكي نوضح الأمر على نحو صريح، فنقول بداية من الطبيعي أننا ندعم خدمة المواطنين، ولا سيما الشرائح الفقيرة والمستضعفة التي تحتاج إلى المعونة والدعم القانوني، كما أننا نُشيد بتفعيل فرص جديدة لعمل المحامين، فذلك يسهم في تعزيز دور المهنة وتوسيع آفاق أرزاق المحامين…
ومع ذلك، لدينا ملاحظات حقيقية على هذه المبادرة، إذ إن الترويج لمثل هذه الأفكار من وقت لآخر يعكس توجهاً يتعارض مع سياسة الدولة العراقية، ويخل بمبادئ النظام العام، فقد كفل الدستور العراقي آليات واضحة لتوفير الدعم القانوني للمحتاجين، منها انتداب المحامين، كما نص قانون المحاماة على نظام المعونة القضائية لضمان حصول الفئات المحتاجة على حقوقها القانونية، زيادة على ذلك، صدر مؤخرًا قانون شامل ومحدد يغطي هذه الحاجة، ويضع إطارًا قانونيًا واضحًا لدعم الشرائح المستهدفة التي وجبَ القانون أن تمر عبر نقابة المحامين العراقيين.
ومن هذا المنطلق، فلا يحتاج الأمر لضجيج ولا مسوّغ لهذه التوجهات التي نرى أنها تتعارض مع بناء دولة القانون والمؤسسات، وتفتح الباب لثقافة المزايدات التي تتجاوز الأسس السليمة، لا سيما إذا كانت تصدر من قلب السلطة التشريعية عبر أعضائها، فمثل هذه المبادرات الدعائية تؤدي إلى تشويه صورة العمل المؤسسي وإضعاف هيبة الدولة، وعلى الجميع الحذر عند تطبيق القانون وإلا يتخذونه سخرياً..