المحامية زهراء حسن حسين الزيدي
حدثتني ذات يوم امراة كانت جالسة معي في الباص عن قضية لها ، وذلك بعد ان رأت الكارت الخاص بالمحاماة التابع لي والموضوع على ملف الاوراق الخاصة بموكليني بأني محامية ، في انها احتاجت الى الاستعانة بمحام ، وكان قد بدا عليها الاستياء وهي تذكر بان المحامي طلب مبلغ مالي ازاء استشارة صغيرة يقدمها له فكيف لو انها طلبت منه ان يتوكل عنها في المحكمة ويترافع في الدعوى، ثم استرسلت بالحديث بانه يوجد الكثير من المحامين المحتالين والذين يسعون وراء المال لا اكثر. لو نظرنا الى الموضوع من جانب صاحبة القضية لرأينا انها على صواب من جهة ما ولو نظرنا الى هذا الموضوع من جانب المحامي لراينا ايضا انه على صواب ايضا ، ولكن لو اردنا ان نكون منصفين اكثر في ذلك ، في الواقع انت ترى نفسك انك محق لانه اجب على سؤالك في خمس دقائق وطلب مبلغا من المال لقاء استشارته، ولكن في حقيقة الامر لو فكرت للحظات كم من سنة استغرق المحامي من وقته ومن جهده وطاقته لكي يصل الى هذه المعرفة ويستطيع ان يجيب على سؤالك هذا خلال خمس دقائق ! الغاية هنا ليست في ان المحامي اجاب سريعا على سؤالك او ان الاجابة على سؤالك لم تكلف المحامي شيئا من وقته ، العبرة هنا في انه تكبد عناء وشقاء ليالي وكم سرق الوقت من عمره وكم اخذ الزمن من جهده لكي يصل الى هذه المرحلة التي استطاع فيها الاجابة على سؤالك، فعندما سأل بيكاسو عن ثمن لوحة فنية في انه يروم بيعها بمليون دولار وهو رسمها في ثلاثين ثانية ، اجاب لقد استغرق الامر مني ثلاثين عاما حتى ارسم هذه اللوحة في ثلاثين ثانية ، وهذا ما اعنيه تماما ، فالجهد الذي تبذله في سنوات عمرك لن تجنيه في نهاية المطاف بثمن بخس او حتى من دون مقابل مادي ، وانما ستاخذ حق كل جهد يوم حصاده.
