نشر قرارات القضاء بين الاباحة والتجريم / المحامي وليد عبدالحسين جبر

2023/03/15

نشر قرارات القضاء بين الاباحة والتجريم

المحامي وليد عبدالحسين جبر


ناقشني احد الزملاء المحامين بخصوص موضوع نشر قرارات محكمة التمييز في مواقع التواصل الاجتماعي قائلا بأن “العراق يفتقر الى التقنين الالكتروني ، فمثلما قيدت المادة  (226) العقابية حق النقد والتعبير الدستوري التي حوكم فيها قاضي بتهمة اهانة المحاكم و حكمت المحكمة الاتحادية بدستوريتها فالمادة( 236 ) أيضا قيدت حق النقد للقرارت القضائية وفق الفقرة( ٤ )منها التي نصت على: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار او بأحدى هاتين العقوبتين من نشر بأحدى طرق العلانية:
4 – ما جرى في الجلسات العلنية للمحاكم بغير امانة وبسوء قصد. وسوء القصد يتحقق عند النقد وتكمن هنا المرونة التي يستطيع قاضي الموضوع التكييف واعتبار النقد سوء قصد..
والفقرة ٦ – ما جرى في الدعاوى المدنية او الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية او ما جرى في التحقيقات او الاجراءات المتعلقة بجرائم القذف او السب او افشاء الاسرار ولا عقاب على مجرد نشر الحكم اذا تم بأذن المحكمة المختصة.
وبما ان نشر القرار لكي يكون مباحا فيجب اخذ الموافقة من المحكمة التي اصدرته وحوكمت احدى الزميلات عن تهمة نشر القرار دون موافقة المحكمة قبل( ٤) ايام تقريبا( [1])، وبما ان الموقع الالكتروني خاص بمجلس القضاء فإعادة نشر القرار يعتبر جريمة مادام لم تكن موافقة واذن من قبل المحكمة (محكمة التمييز) واذا ما اردنا تطبيق النصوص بصورة صحيحة فان اي نشر جريمة قد يكون الامر مستغربا لدى البعض لكن تاريخ تشريع العقوبة هو عام ١٩٦٩ فحينها كان النشر بالصحف الرسمية فقط والتلفاز ولم تكن هنالك وسائل نشر اجتماعية كما هي الان وبالتالي فان النشر آنذاك كان امرا يراد منه غاية فليس من المعتاد والمألوف ان يقوم مواطن بالذهاب الى قناة فضائية او جريدة لينشر قرارا ، وبالتالي فان النص يسري على جميع الازمان ولم يراعي التطور الذي حدث وتغيير دستور العراق والنظام والمبادئ والحقوق الدستورية ، فبالتالي اي اخبارا يقدم الى محكمة التحقيق بشان نشر قرار اذا ما اراد القاضي تطبيق النص ستتخذ الاجراءات القانونية بحق الناشر”
ولخطورة رأي الزميل المحترم ولحاجته للمناقشة والدراسة حاولنا كتابة هذا المقال للرد عليه :
اولا : لماذا يتم نشر القرار من قبل مجلس القضاء الاعلى في الموقع الالكتروني المتاح للجميع  اليس للاطلاع عليه؟؟
فربما يقال ان هناك فرق بين النشر والاطلاع! وان النشر من قبل القضاء لا يعني اعطاء الاذن ، نقول اذا تم نشر القرار من قبل مجلس القضاء وانتقل الى حيز العلانية انتفت الحاجة من عدم نشره وكتمانه واصبح في متناول الجميع. ومن الطريف حينما قلت للزميل بهذه الفكرة قال ان الواجب هو مجرد الاحتفاظ بالقرار والاطلاع عليه ولكن لا يجوز النشر كي لا تقع تحت طائلة النص العقابي([2])
ثانيا : هل يعلم الزميل بان هنالك حق مهدور بأخذ نسخة كاملة من اضبارة الدعوى وان قانون اصول المحاكمات الجزائية قد نص على ذلك صراحةً في المادة( 57)
( ا – للمتهم وللمشتكي وللمدعي بالحق المدني وللمسؤول مدنيا عن فعل المتهم وكلائهم ان يحضروا اجراءات التحقيق. وللقاضي او المحقق ان يمنع أيا منهم من الحضور اذا اقتضى الامر ذلك لأسباب يدونها في المحضر على ان يبيح لهم الاطلاع على التحقيق بمجرد زوال هذه الضرورة ولا يجوز لهم الكلام الا اذا اذن لهم، واذا لم يأذن وجب تدوين ذلك في المحضر.
ب – لأي ممن تقدم ذكرهم ان يطلب على نفقته صورا من الاوراق والافادات الا اذا راي القاضي ان اعطاءها يؤثر على سير التحقيق او سريته.)
ثالثا :  اتفق مع من دعا الزميل الى متابعة عمل  القضاء المصري وكيف يبث محاكماته عبر وسائل الاعلام كافة  ثم ان نقد  قرارات القضاء فأكيد قابلة كفيل بتطوير النظام القضائي والقوانين في الدول المتقدمة
رابعا: ما تفسيره لنشر قرارات محكمة التمييز في الكتب والمجلدات والمنشورات والاستعانة بها في البحوث والدراسات ، اليس ذلك من وسائل العلانية ثم ما غاية  محكمة التمييز من نشر القرارات اليس لزيادة الوعي والثقافة القانونية ولو لديها الامكانية لقامت نشرها حتى بالفضائيات
خامسا : ان نصوص القانون التي استند عليها الزميل لا تنطبق عل الواقعة والحال وانما تنطبق على محاكمة جارية ولم يصدر بها قرار بات وشتان بينهما وبذلك يكون قد حمل النص اكثر مما يحتمل فلا ضير من نشر القرار الا اذا كانت جلسات المرافعة سرية فانه والحالة يكون القرار سرياً اما ما يتم نشره من قبل المجلس في الموقع الخاص لغرض الاطلاع فلا ضير من اعادة نشره سواء عل مواقع التواصل الاجتماعي او في البحوث والدارسات وكما هو معلوم ان الباحث يقوم بالارتكاز على قرارات المحاكم بأعتبار الاجتهاد القضائي الركيزة الاساسية لتطبيق صحيح القانون اضافة الى اجتهادات الفقهاء في القانون ولا ضير في كل ذلك.
سادسا : ان احكام المادة ٢٣٦ / ٦ لها علاقة جوهرية بهذا الامر  كما قال احد الزملاء- مع ملاحظة انها مقيدة وليست مطلقة -، ولكن اغفل ان نشرها من قبل السلطة المختصة للعلن او اعطاء نسخة من هذه القرارات لأطراف الدعوى يستغرق اذن المحكمة من باب الضد، اذ ان عدم موافقة المحكمة على النشر يستلزم عدم إعلان الحكم – وهذا لا يجوز -، فيكون الاذنُ متوفراً.


  1. للعلم حينما تحققت من هذا الامر تبين ان الزميلة وجهت لها تهمة عن نشرها إجراءات ووقائع من محاكمات جارية وليست قرارات وان الدعوى بحقها لازالت لم تحسم حتى يستند اليها.
  2. الشيء بالشيء يذكر ذكر لي احد الزملاء في بغداد انه في احدى مراجعاته لمراكز الشرطة رفض ضابط الدعوى ان يمكنه من الاطلاع على اوراق القضية رغم ابرازه وكالته وقال له لا يسمح لك بالاطلاع الا بموافقة القاضي المختص وحينما قدم طلب للقاضي ووافق له على الاطلاع وجاء يقرأ في الدعوى شاهده الضابط يدون بعض المعلومات منها بمفكرته فمنعه من ذلك قائلا له ان موافقة القاضي تقتصر على اطلاعك عليها وليس التدوين منها !!

البحث

الية وضوابط التقديم الى نقابة المحامين

صفحتنا على الفيسبوك

قناة اليوتيوب

مقر النقابة

ارقام تهمك

  • مكتب النقيب - 07721727134
  • المكتب الاعلامي - 07705721394
  • الشكاوى - 07812573968
  • قسم الصلاحية واعادة الانتماء - 07815492831

الطقس

عدد الزيارات

2522982