التطبيقات الهاتفية قد تعصف بالمحاماة
مقال مترجم للعربية لمايكل سكابنكر
العديد من شركات الموسيقى ووكلاء السفر والصحف وسائقي سيارات الأجرة، العديد من تلك القطاعات عصفت بها تطبيقات الهاتف المحمول وقدرة الناس على العثور على المعلومات المجانية التي اعتادوا دفع ثمن للحصول عليها. مما أدى الى تراجع الايرادات وادخال الصناعات القديمة في معاناة من أجل ايجاد نماذج أعمال جديدة. وبات الآن بالامكان اجراء جراحة بواسطة الروبوتات أو إجرائها عن بعد. ويستخدم المهندسون المعماريون الأدوات الرقمية لتصميم المباني. ومع ذلك، فان قطاعا واحدا ماضيا في طريقه كما لو لم يتم اختراع التكنولوجيا: المحاماة. ممارسات عمل المحامين لم تتغير كثيرا منذ زمن تشارلز ديكنز، بحسب ما يقول الأب والابن ريتشارد ودانيال سسكيند في كتابهما «مستقبل المهن». لايزال يقدم المحامون استشارات حسب الطلب عالية التكلفة. الشركاء القانونيون الأعلى دخلا يتربعون على قمة هرم الشركات ويفرضون رسوما ضخمة، بينما تكدح فرق من المحامين المبتدئين في العمل كالبحث عن السوابق وصياغة العقود. فهل يمكن أن يكون هذا الوضع على وشك التغيير؟ سخر العديد من المحامين من فكرة أنه يمكن لموقع الكتروني أو تطبيق أن يقوم بعملهم. لكن العديد من خارج المهنة، وبعض من يعملون فيها، يطورون أدوات يعتقدون أنها ستقلب الممارسات القانونية التقليدية رأسا على عقب. ولديهم حجة قوية: عدد قليل من الناس في هذه الأيام من يستطيع تحمل تكاليف الحصول على محام. التكلفة باهظة، تقول روزماري مارتن، المستشارة العامة في فودافون: اذا كنا نحن الشركات نعتقد أنها مكلفة، لا أستطيع أن أتخيل كيف تتدبر الشركات الصغيرة والأفراد أمورهم. ويخاطر العديد من الشركات الصغيرة. فكما تقول: تبحث تلك الشركات في الانترنت عن المشورة القانونية. ومن شأن ذلك أن يوقف شعر المحامين. يشعر كثير من الناس بالقلق من ارتفاع تكاليف المشورة القانونية. «نظام العدالة لدينا لم يعد بمقدور معظم الناس تحمل تكاليفه»، بحسب ما قال لورد توماس، رئيس القضاة في انكلترا وويلز في تقريره عام 2015 لبرلمان المملكة المتحدة. وزادت أكبر شركات المحاماة في بريطانيا والولايات المتحدة، السوقين القانونيين الأكثر تطورا وتنافسية، الرسوم التي تفرضها بشكل حاد. في منتصف الثمانينات، كان الشركاء في أكبر شركات المحاماة في لندن يفرضون ما بين 150 استرلينيا الى 175 استرلينيا في الساعة، وفقا لتقرير صادر عن مركز دراسات السياسات، وهو مؤسسة فكرية. بحلول عام 2015، وصلت الرسوم الى 775 – 850 جنيها استرلينيا في الساعة، ومن المتوقع ان تتجاوز هذا العام ألف جنيه استرليني. في الولايات المتحدة في عام 2014، حققت 74 شركة أرباحا لكل شريك تجاوزت مليون دولار، وكانت شركة ووتشتيل وليبتون وروزين آند كاتز الأعلى أجرا، حيث بلغت أرباح كل شريك 5.5 ملايين دولار، وفقا لمجلة أميركان لويار. وبينما يرى كثيرون في عدم تطابق بين ما يتقاضاه كبار المحامين وما تستطيع الغالبية دفعه مشكلة، يرى البعض الآخر في ذلك فرصة. مهنة المحاماة، كما يقولون، جاهزة لأن تشهد ارباكا. سائقو سيارات الأجرة في لندن، مثل المحامين، مدربين تدريبا عاليا. فاتقان معرفة تخطيط شوارع المدينة يستغرق عدة سنوات. لكن خدمة سيارات الأجرة ذات الجودة والتكلفة العالية، جاء تطبيق أوبر لسيارات الأجرة ليقلبها رأسا على عقب. اذ استطاع هذا التطبيق أن يحشد الكثير من السائقين الأقل تكلفة وذلك باستخدام الملاحة عبر الأقمار الصناعية. شيء مماثل سيحدث للمحامين دان يانسن هو الرئيس التنفيذي لشركة نيكست لو لابس، للتكنولوجيا القانونية المدعومة من شركة دينتونز العالمية للمحاماة. ويقول يانسن، وهو ليس محاميا لكنه ذو خلفية في مجال شركات الاستشارات الادارية والتكنولوجيا المبتدئة، ممازحا أن الأب سوسكيند وابنه كانا لطيفين للغاية. ويضيف: ان ممارسة القانون لم تتغير منذ ماغنا كارتا. فماذا يرى عندما ينظر الى الطريقة التي يعمل بها المحامون؟ «فرصة رائعة للتجديد هي الطريقة المهذبة لوصف ذلك»، وفق قوله. نيكست تدعم شركات التكنولوجيا القانونية المبتدئة. وأول استثمار لها كان في «روس انتيليجنس»، وهي شركة مبتدئة مقرها بالو آلتو، تم اطلاقها منذ أكثر من عام بواسطة جيمو أوبياجيلي وأندرو أرودا. وتستخدم روس نظام الذكاء الاصطناعي واتسون من آي بي ام للقيام ببعض الأبحاث، التي يقوم بها حاليا المحامون المبتدئون. وقرر الاثنان التركيز أولا على قانون الافلاس الأميركي، لأنهما يعتقدان أنه مجال الممارسة القانونية المضاد للركود. وكما يقول أرودا «الافلاس دائما موجود». كيف يعمل النظام الخاص بهم؟ لنقل ان هناك شركة صغيرة، يقول أرودا، وأفلس أحد عملاء تلك الشركة. تعتقد تلك الشركة في وجود واحدة أو اثنتين من القضايا القانونية، التي من شأنها أن تساعدها في استرداد ما هو مستحق لها. في حين أن المحامي سيبحث في السوابق القانونية، ربما من خلال استخدام كلمة رئيسية للبحث في الانترنت، وسوف يتصفح نظام روس في آلاف الوثائق للعثور على ما تريده الشركة. ولا يزال نظام روس في مهده، وكذلك معظم المنتجات التي يأمل أصحابها ومبتكروها أن تحدث انقلابا في الأعمال القانونية. وأضاف: لا يزال النظام في مرحلة مبكرة جدا، كما يقول مارك هاريس، الرئيس التنفيذي لشركة اكسيوم، ومقرها سان فرانسيسكو، التي تدعي أنها الشركة الرائدة في العالم لتزويد الخدمات القانونية القائمة على التكنولوجيا، ويشمل عملاؤها نصف الشركات المدرجة على مؤشر فايننشال تايمز 100 وفورتشن 100. مثل معظم زملائه البالغ عددهم 1500 في اكسيوم، هاريس هو محام، كان يعمل خلال فترة التسعينات لدي «ديفيس بولك آند ووردويل»، وهي شركة محاماة أميركية من الدرجة الأولى. وأدرك وجود خلل ما، عندما طلب منه شريك اعداد فاتورة لأحد العملاء. عندما أضاف الساعات التي يتوجب على العميل دفع ثمنها، أدرك أن العميل سيطلب منه دفع راتبه السنوي كاملا نظير عمل استغرق شهرا واحدا فقط. «بدأ ينتابني هاجس: أين تذهب كل تلك الأموال؟»، وبعيدا عن أرباح الشركاء، أدرك أن الأموال تذهب للوحات الفنية المعلقة على جدران الشركة. ليس العملاء فقط من كانوا غير راضين عن النظام، كما يقول. هناك العديد من المحامين المبتدئين، الذين كانوا مستائين من الوضع. وأضاف: كانوا يشعرون بأنهم يعملون فوق طاقتهم، ويتقاضون أجورا والتقدير أقل. وفي عام 2000، أسس هاريس وصديقه اكسيوم لتقديم خدمات قانونية أرخص تكلفة للشركات، عن طريق خفض التكاليف من خلال جعل المحامين يعملون في مقر وجود العملاء، سواء في المنزل أو داخل مكاتبهم، التي تشبه المستودعات. وعلى مر السنين، زادت اكسيوم من استخدام التكنولوجيا في خدمة عملائها. ويستخدم البعض أوبر لشرح الكيفية، التي يتم بها ارباك صناعة القانون والمحاماة، لكن هاريس يفضل الحديث عن كيفية صنع الطائرات. كان أورفيل وويلبر رايت بناة حرفيين لآلات الطيران. لكن اليوم لا تبنى الطائرات من قبل الحرفيين، ولكن من قبل الشركات الصناعية مثل ايرباص وبوينغ. القانون لا يزال في مرحلة الحرفيين، كما يقول. فالمحامون هم من يصنعون المشورة الفردية للعملاء. الطريق الى خفض التكلفة هو تصنيع جزء كبير من هذه العملية. وتم تصميم بعض المنتجات لمساعدة الادارات القانونية داخل الشركات بادارة أعمالها بكفاءة أكبر. شركة «ريفر فيو لو»، ومقرها شمال غرب إنكلترا، أطلقت ما تسميه «المساعدون الافتراضيون». حيث سيكون بمقدور المحامين داخل الشركات استخدام هذه النظم لتحديد، على لوحة رقمية، الوحدات التي وقعت فيها مشاكل والمخاطر المتعلقة بأي قضية، ومن يعمل على تلك القضية والمدة المطلوبة.
ترجمة المكتب الاعلامي